2020-02-04
أعلنت النائبة صفاء الهاشم عن أنها تقدمت باقتراح بقانون بإلغاء المادة 153 من القانون رقم ( 16 ) لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء. ونص الاقتراح على ما يلي: (المادة الأولى): تلغي المادة 153 من القانون رقم (16) لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء المشار إليه . (المادة الثانية): على رئيس مجلس الوزراء والوزراء - كل فيما يخصه - تنفيذ هذا القانون ، ويعمل به من تاریخ نشره في الجريدة الرسمية. ونصت المذكرة الإيضاحية على ما يلي: تتجه التشريعات الجنائية نحو تمتيع مرتكبي بعض الجرائم بالتخفيف من العقوبات متی تحققت ظروف وشروط تبرر ذلك ويعود للقضاء النظر في مدى توافرها في ضوء ما تنص عليه أحكام القانون . غير أن هذا المنحى زاغ في بعض النصوص التشريعية عن الغاية منه عندما تحول إلى أداة إفلات من العقاب تحت تأثير أعراف وتقاليد اجتماعية أو عقائدية رسخت أوضاعا منافية لمبادئ العدالة والمساواة أمام القانون بل إنها خالفت حتى أحكام الشريعة الإسلامية كما هو الشأن بالنسبة لما يسمى بجرائم الشرف. وتعتبر المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي إحدى تجليات هذا الوضع حيث إنها تنص على عقوبة حبسية لا تتجاوز ثلاث سنوات وغرامة لا تتجاوز ثلاثة آلاف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين في حق من يقتل زوجته أو ابنته أو أخته أو أمه في الحال إذا ما فاجأ إحداهن في حال تلبس بالزنا أو مواقعة رجل لها ، ويلقى نفس العقوبة في حال قتلهما معا . لقد ارتفعت الكثير من الأصوات الحقوقية والسياسية والمدنية مطالبة بإعادة النظر في هذا النص بحجة مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية ومنافاته لأحكام الدستور وتعارضه مع الإعلانات والاتفاقيات والمعاهدات التي انضمت إليها دولة الكويت. فالشريعة الإسلامية تشددت بالنسبة للزوجين في إثبات واقعة الزنا بالنظر لفداحة هذا الفعل وحرصت على التحصين من الشبهات ودرء الفتنة وتدمير الأسر، كما حددت عقوبة الزاني والزانية بما لا يصل إلى حد القتل وأحاطت توقيع العقاب بشروط محددة. أما الدستور فإن أحكامه جاءت صريحة إذ نصت مادته السابعة على أن العدل والحرية دعامات المجتمع ومادته التاسعة على أن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن وأن القانون يحفظ كيانها ويقوي أواصرها ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة. وأكدت المادة التاسعة والعشرون أن الناس سواسية في الكرامة وقضت المادة الرابعة والثلاثون بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع. إن جميع هذه القواعد الدستورية تعبر عن منطق مغاير لما ذهبت إليه المادة 153 من قانون الجزاء حيث يباح للقاتل إصدار حكم بالقتل ويتولى التنفيذ في الحال من دون أن يلقى عقوبة القتل التي هي الإعدام أو الحبس المؤيد وفق نصوص المواد 149 و149 مكررا و150 من قانون الجزاء . فمفاجأة القاتل لزوجته أو ابنته أو أمه أو أخته في حالة زنا أو مواقعة لرجل ، تخفف عقوبته إلى حبس لا يتجاوز ثلاث سنوات وغرامة لا تزيد على ثلاثة آلاف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين بينما لا تستفيد المرأة من نفس التخفيف لو كانت هي من فاجأت الرجل وأقدمت على قتله. إن خرق المبادئ المتضمنة في أحكام الدستور المشار إليها أمر واضح حيث ينطوي الاستمرار في اعتماد المادة 153 على تمييز حقيقي وجائر بسبب الجنس وفي ذلك مس صريح بالعدل والمساواة والكرامة كإحدى دعامات المجتمع وتقصير في حماية الأمومة والطفولة في ظل الأسرة التي هي أساس المجتمع ، وفيه أيضا تجاوز لمبدأ براءة المتهم إلى أن تثبت إدانته في محاكمة قانونية توفر ضمانات الدفاع . وإلى جانب مخالفتها لأحكام الشريعة والدستور فإن المادة 153 من قانون الجزاء تناقض التزامات دولة الكويت الناشئة عن مصادقتها على اتفاقيات دولية وانضمامها للمعاهدات. وفي ذلك مخالفة لنص المادة 70 من الدستور التي تقضي بأن المعاهدة تكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية. إن دولة الكويت ملتزمة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يقر بسواسية الناس في الكرامة والحقوق والتمتع بها من دون تمييز بما في ذلك التمييز القائم على أساس الجنس ، وحق كل إنسان التمتع بحماية متكافئة ، وحق اللجوء إلى المحاكم لإنصافه من أي اعتداء على حقوقه الأساسية التي يضمنها القانون وحقه في أن تنظر قضيته أمام محكمة نزيهة نظرا عادلا وعلنيا في أي تهمة جنائية. ثم إن المادة 153 المشار إليها تتعارض أيضا مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه دولة الكويت والذي جاء في مادته السادسة ( فقرة 1) أن الحق في الحياة ملازم لكل إنسان وعلى القانون حماية هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفيا. كما يحظر بموجب الفقرة 2 من نفس المادة على الدول الأطراف في الاتفاقية - التي لم تلغ عقوبة الإعدام - ألا تحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر من محكمة مختصة . وبذلك يحق التساؤل : ألا يقنن التشريع القتل عبر المادة 153 ويعطي أفراد المجتمع حق إصدار أحكام بالإعدام على قريباتهم وتنفيذها على الفور؟ إن المادة 153 تناقض كذلك التزامات الكويت الناشئة عن مصادقتها على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وتحديدا المادة الثانية من الاتفاقية التي تعهدت الدول الأطراف فيها على شجب جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع وتعديل أو إلغاء التشريعات القائمة والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة . اعتبارا لكل ما سلف من تعارض للمادة 153 من قانون الجزاء مع أحكام الشريعة الإسلامية ونصوص الدستور والمواثيق الدولية التي انضمت إليها دولة الكويت فقد جاء هذا الاقتراح بقانون الذي يقضي بإلغاء المادة 153 من القانون رقم (16 ) لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء .
مصدر الخبر : شبكة الدستور البرلمانية
شكرًا جزيلاً علي زيارتك لموقع مجلس الأمة الكويتي على الإنترنت استخدامك لهذه الموقع يعتبر موافقة منك على الالتزام قانونيًا بشروط الاستخدام التالي ذكرها.
تحتفظ الأمانة العامة لمجلس الأمة الكويتي بكافة الحقوق في منع أو تقييد دخول أي شخص إلى موقع مجلس الأمة الكويتي ، أو حظر الوصول إلى الموقع من خلال أي ارتباط عبر الإنترنت في أي وقت وبدون إبداء أي أسباب.
تخضع شروط الاستخدام هذه لأحكام قوانين دولة الكويت وهي مفسرة وفقًا لهذه القوانين.