النواب ثامر السويط ود. بدر الداهوم وخالد العتيبي يقدمون استجواباً إلى رئيس الوزراء من 3 محاور



2021-01-05

قدم النواب ثامر السويط وبدر الداهوم وخالد العتيبي استجواباً اليوم إلى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح استناداً إلى المادة 100 من الدستور والمادة 133 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة. واشتمل الاستجواب الأول في دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السادس عشر على ثلاثة محاور، الأول يتعلق بمخالفة صارخة لأحكام الدستور عند تشكيل الحكومة بعدم مراعاة عناصر واتجاهات المجلس الجديد. وتعلق المحور الثاني بهيمنة السلطة التنفيذية في تكوين البرلمان، فيما اختص المحور الثالث بالإخلال بالالتزام الدستوري في المادة (98) من الدستور. وفيما يلي نص صحيفة الاستجواب المقدم إلى سمو رئيس مجلس الوزراء: استنادا لنص أحكام المادة (100) من الدستور والمادة (133) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، نتقدم بتوجيه الاستجواب التالي إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، برجاء اتخاذ الإجراءات اللازمة لإبلاغ ذوي الشأن وفقا لأحكام المادة (135) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة. قال تعالى: {فوَرَبّكَ لنسألنَّهم أجمعين، عما كانوا يعملون}. (الآيتان 92 و 93 من سورة الحجر). قال تعالى:{وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا}. (سورة النحل آية 91). قال تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا}. (سورة الإسراء آية 34). - إن مسؤولية سمو رئيس مجلس الوزراء مستمدة من الأساس الدستوري الوارد في المادة (100) من الدستور والتي نصت على أن: (لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم. ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير. وبمراعاة حكم المادتين (101 و 102) من الدستور يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة على المجلس). وكذلك نصت المادة (102) على أنه (لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة، ولا يطرح في مجلس الأمة موضوع الثقة به. ومع ذلك إذا رأى مجلس الأمة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، أو أن يحل مجلس الأمة. وفي حالة الحل، إذا قرر المجلس الجديد بذات الأغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلا منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة). - إن أداء الوظيفة النيابية ليست محصورة على الأداء التشريعي فقط، بل لا تكتمل أركان تلك الوظيفة إلا بالأداء الرقابي والتشريعي وبوجود أعضاء حقيقيين يتفاعلون مع الرأي العام وقضايا الشارع باعتبار أن المقوم الحقيقي للسلوك السياسي النيابي هو الرأي العام. - وفي جهة أخرى فإن المسؤولية السياسية لعضو مجلس الأمة هي التزام النائب بأفعاله أمام ناخبيه وبتحمله تبعات تلك النتائج، ولا تقوم هذه المسؤولية إلا بخطأ أو فشل سياسي ولا تنتفي مسؤولية النائب لطالما هناك عناصر فعالة لدى الرأي العام تراقب وتحاسب وفي مقام ذلك فإن فلسفة فكرة أو نظرية الانتخاب فرضت عقوبة ضمنية بمحاسبة النائب بعدم التجديد له، وإن خلت القوانين والنصوص الدستورية من عقوبة عزل النائب إلا أن في 5 ديسمبر 2020 قرر الشعب الكويتي عدم التجديد لأكثر من (30) نائبا من البرلمان كمظهر من مظاهر محاسبة الناخب للنائب، وبهذا الصدد لا منجاة لمن يقف ضد الشارع ولا مناص من الرقابة الشعبية على الأداء النيابي. - يأتي هذا الاستجواب انطلاقا من دورنا الرقابي المخول لنا في النصوص الدستورية باعتبار أنه حق لصيق بالصفة النيابية كممثل عن الشعب ومراقبة أداء السلطة التنفيذية وتقويم عملها ومحاسبتها. - ومن هذا المنطلق تقوم المسؤولية السياسية لرئيس مجلس الوزراء بوجود خطأ أو الفشل في تحقيق هدف سياسي منشود وإن هذه المسؤولية لا تقوم لطالما لا يوجد من يحاسب ويراقب من نواب الأمة الذين لهم دون غيرهم حق الرقابة والمحاسبة على الأداء التنفيذي بتخويل شعبي كممثلين عن الأمة، إن فشل رئيس الوزراء في تحقيق التعاون السياسي من خلال ملفات عدة شائكة بين السلطتين تستجوب مساءلته ومحاسبته بدءا من التشكيل الوزاري الذي لم يكن ملبيا للطموح والتدخل في تكوين المؤسسة التشريعية والإخفاق في تنفيذ برامج العمل السابقة والالتفاف على المادة (98) من الدستور. - إن الدور الرقابي لعضو مجلس الأمة لا يقل قيمة عن المهام التشريعية التي أولاها المشرّع الدستوري للبرلمان، وجزء لا يتجزأ منه باعتبار أن السلطة التشريعية هي انعكاس ومرآة للإرادة الشعبية وترجمة واقعية لتصورات المجتمع الكويتي. - يأتي هذا الاستجواب انطلاقا من التكليف الشعبي والواجبات الدستورية التي حملناها على عاتقنا منذ أن تشرفنا بتمثيل الأمة والدفاع عن حقوقها. - تبنى الدستور الكويتي فكرة المسؤولية السياسية لرئيس مجلس الوزراء، وأوجبت المذكرة التفسيرية أنه: «ما أثبتته التجارب الدستورية العالمية من أن مجرد التلويح بالمسؤولية فعال عادة في درء الأخطاء قبل وقوعها أو منع التمادي أو الإصرار عليها، ولذلك تولدت فكرة المسؤولية السياسية تاريخيا عن التلويح أو التهديد بتحريك المسؤولية الجنائية للوزراء، وقد كانت هذه المسؤولية الجنائية هي الوحيدة المقررة قديما. - كما أن تجريح الوزير أو رئيس مجلس الوزراء، بمناسبة بحث موضوع عدم الثقة أو عدم التعاون، كفيل بإحراجه والدفع به إلى الاستقالة، إذا ما استند هذا التجريح إلى حقائق دامغة وأسباب قوية تتردد أصداؤها في الرأي العام. كما أن هذه الأصداء ستكون تحت نظر رئيس الدولة، ولو لم تتحقق في مجلس الأمة الأغلبية الكبيرة اللازمة لإصدار قرار (بعدم الثقة) أو (بعدم التعاون)، كما أن شعور الرجل السياسي الحديث بالمسؤولية الشعبية والبرلمانية، وحسه المرهف من الناحية الأدبية لكل نقد أو تجريح، قد حملا الوزير البرلماني على التعجيل بالتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنه فاقد ثقة الأمة أو ممثليها، وقد بلغت هذه الحساسية أحيانا حد الإسراف ما اضطر بعض الدساتير الحديثة إلى الحد منها حرصا على القدر اللازم من الاستقرار الوزاري». - ونؤكد أن استجوابنا المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء بصفته استجوابا دستوريا يستند إلى صحيح الدستور لأنه في جميع محاوره انحصر في (السياسة العامة للحكومة) وهو في حدود اختصاص رئيس الحكومة ولم تتطرق المحاور إلى أي أعمال تنفيذية. - وهذا القرار التفسيري للمحكمة الدستورية في الجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 22 من شهر ذي القعدة 1432 هـ الموافق 20 اكتوبر 2011 الذي نص على الآتي: (فإن كل استجواب يُراد توجيهه لرئيس مجلس الوزراء، ينحصر نطاقه في مجال ضيق، وهو في حدود اختصاصه، في السياسة العامة للحكومة، باعتبار أن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يتكلم باسم مجلس الوزراء، ويدافع عن هذه السياسة أمام مجلس الأمة، دون أن يتعدى ذلك إلى استجوابه عن أي أعمال تنفيذية تختص بها وزارات بعينها، أو أي عمل لوزير في وزارته، وإلا أصبحت جميع الأعمال التي تختص بها الوزارات المختلفة محلا لاستجواب رئيس مجلس الوزراء عنها). فإننا نتقدم بصحيفة استجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح. المحور الأول: مخالفة صارخة لأحكام الدستور عند تشكيل الحكومة بعدم مراعاة عناصر واتجاهات المجلس الجديد - شهد يوم 5 ديسمبر 2020 هبّة شعبية جارفة، أدت إلى إسقاط كثير من رموز الفساد في المجلس، وتقديم كثيرمن المصلحين الذين يحملون هم هذه الأمة ويعبرون عن طموحاتها، وكانت الرسالة واضحة وجلية تدعم وتشجع وتحث على الاستمرار في النهج الإصلاحي. لكن السلطة، وكما هي دائما، أصرت على تجاهل هذه الرسالة وهذا التفويض الشعبي، وأمعنت في استبدادها وخياراتها العوجاء التي تخالف ما يربو له الشعب الكويتي. - في يوم 5/12/2020 أعدّ الشعب الكويتي تقريره الشعبي المتضمن أسماء نواب أعتقد بأنهم قادرون على تلبية طموحه وترجمة آماله إلى واقع تشريعي ورقابي في البرلمان، يوم السبت الموافق 5/12/2020 انتفض الشعب الكويتي ليعبر عن إرادته على الرغم من وجود المطر وعلى الرغم كذلك من وجود فيروس كورونا وهما سببان من شأنهما تقليل نسبة الحضور إلا أن الشعب الكويتي حضر بقوة وعبّر عن إرادته التعبير الصحيح واختار ممثليه. بعد ذلك الاختيار المعبّر من قبل الشعب الكويتي أصبح الدور على عاتق رئيس الحكومة المكلف بأن يشكل حكومته بشكل يتناسب مع اختيارات الشعب الكويتي. - لا يوجد موضوع أجمعت عليه الآراء الفقهية مثل موضوع إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي، فلقد التقت آراء جميع أساتذة القانون الدستوري الذين قُدر لهم دراسة وتدريس الدستور الكويتي على أن المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي لها طبيعة خاصة تختلف عن المذكرات التفسيرية الأخرى، وأنها ملزمة بالتفسير الوارد بها للنصوص الدستورية لكافة السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة القضائية، والمحاكم ذات الطبيعة الخاصة وفي مقدمتها المحكمة الدستورية. - إن الدكتور عثمان خليل عثمان كتب يقول: «إن المذكرة التفسيرية هذه تختلف عن المذكرات التفسيرية أو الإيضاحية التي ترافق مشروعات القوانين الحكومية، فلم توضع في أول التشريع كما هو في شأن المذكرات الأخرى المشار إليها، وإنما وضعت فور الانتهاء من إقرار مواد الدستور، وأخذت من واقع مناقشات المجلس التأسيسي عند نظره مواد مشروع لإقرارها». - إن الدكتور وحيد رأفت كتب يقول: «لا شك في أن المذكرة التفسيرية لدستور دولة الكويت ليست كسائر المذكرات الإيضاحية للدساتير أو القوانين بل إن لها وضعا خاصا يسمو بها إلى مرتبة أحكام الدستور الكويتي وذلك لصدورها وإقرارها من نفس الجمعية التأسيسية ذاتها التي ناقشت وأقرت مواد الدستور». - إن الدكتور عبدالفتاح حسن كتب يقول: «أما المذكرة التفسيرية لدولة الكويت فتقوم بدور أكبر من ذلك بكثير فهي تحتوي على إضافات جوهرية إلى نصوص الدستور، وعندما لا تُقدم إضافات، تُقدم تفسيرات ملزمة لنصوصه، وهي جزء لا يتجزأ من الدستور». - إن الدكتور محمود حافظ كتب يقول: «إن المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي تلعب في تفسيره دورا مهما وتؤدي مهمة خطيرة، أبعد مدى وأوسع نطاقا مما تلعبه وتؤديه عادة المذكرات التفسيرية للدساتير أو القوانين بصفة عامة فهي تُكمل ما به من نقص، وتسد ما فيه من ثغرات، وتوقف ما يبدو متعارضا مع أحكامه». - إن الدكتور عثمان عبدالملك الصالح كتب يقول: «إن المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي لها قوة إلزامية في التفسير لا يجوز الخروج عليها». - إن الدكتور عادل الطبطبائي كتب يقول: «إن المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي تعتبر جزءا متمما للدستور، والتفسيرات الواردة بها لبعض مواد الدستور تعتبر ملزمة لكافة السلطات العامة في الدولة». - وبذلك نستنتج إجماع الفقه الدستوري على إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي، وتلك المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي في تفسير المادة (75) من الدستور الكويتي نصت على الآتي: «إن تجديد الانتخاب معناه التعرف على الجديد من رأي الأمة، وهذا الجديد لا يصل إلى الحكومة إلا بإعادة تشكيل الوزارة وفقا لاتجاهات وعناصر المجلس الجديد...». - لكن للأسف هذا لم يحدث أبدا، فقد بدأت الوزارة بوزير مرفوض شعبيا تم استجوابه مرات عدة في مجلس (2016)، إلى وزير استفزازي كانت تصريحاته ونشاطاته وتوجهاته غير مقبولة أبدا وتمس الهوية الوطنية وتعرض وحدتنا الوطنية للخطر، إلى وزير تحوم حول شهادته العلمية شبهات التزوير، ما يدل على عدم التحقق من شاغلي المناصب القيادية العليا، وهو الحد الأدنى من معرفة وفهم وتقييم من يتولى المناصب، وصولا إلى فريق غير متجانس لا يدل إطلاقا على حكومة تسعى وتتطلع للتعاون. - إن الشارع الكويتي تفاجأ باختيار وزراء بعيدين كل البعد عن عنصر الكفاءة وأتى اختيارهم على معايير غامضة على الرغم من أن البعض منهم لديه آراء سابقة تخالف التوجه الحكومي. وفي هذا الصدد أخفق رئيس مجلس الوزراء في تحقيق التعاون السياسي باختياره عناصر تأزيمية في مجلس الوزراء كانوا محل مساءلة في المجلس السابق وأداة من أدوات الدولة العميقة التي استهدفت مصالح الشعب الكويتي وتغلغلت في مفاصل الدولة وامتصاص خيراتها، الأمر الذي يؤكد عدم مراعاة عناصر واتجاهات المجلس الجديد الإصلاحية وبالتالي مخالفة صارخة لأحكام الدستور الكويتي. - لم يكن هذا التشكيل ملبيا للطموح ولم تكن القراءات السياسية متوافقة مع الواقع والمشهد السياسي. ولم يكن تغيير الشعب الكويتي غالبية النواب مجرد تبديل للأدوار، بل هو طوفان ضرب المؤسسة التشريعية بذنب من خان أمانته ومن مالت استقامته، فأتى هذا المجلس بتغيير يصل إلى أكثر من غالبية النواب السابقين الذين كانوا يبارزون الشارع الكويتي في توجهاته السياسية وكانوا عناصر هدم لا بناء فالمجمل منهم من وقف في الاستجوابات ليزين الباطل بالحق وأبرزها استجواب وزير الداخلية السابق الذي كان عنصر تأزيميا وما زال وسيبقى عنصرا تأزيميا في المرحلة المقبلة. - إن تحقيق التعاون السياسي ببدأ من تشكيل الحكومة التي لا بد أن تكون متوافقة مع توجهات الشارع من خلال نواب بعد قراءات سياسية صحيحة متوافقة مع الواقع والدستوروأن يكون مجلس الوزراء على قدر من المسؤولية السياسية وأن وجود أكثر من أغلبية البرلمان أعضاء جدد يستوجب على رئيس مجلس الوزراء الأخذ بعين الاعتبار توجهات ذلك المجلس وقراءة توجهات الشارع واستبعاد عناصر التأيم من أروقة مجلس الوزراء ومد يد التعاون نحو تحقيق متطلبات واحتياجات الشعب الكويتي وأن وجود بعض الوزراء أربك المشهد السياسي الأمر الذي سيدخل السلطتين نحو نفق مظلم وتعزيز الأزمات السياسية، فالكويت لم تكن يوما رهينة بهؤلاء الأشخاص. - إن المرحلة المقبلة مليئة بالمخاطر والمنعطفات التي قد تزيد من الاحتقان السياسي بين السلطتين لوجود بعض القضايا التي يتبناها غالبية النواب رغم الاعتراض الحكومي على تلك القضايا من خلال مواقفها السابقة، فالتعاون السياسي يتطلب من رئيس مجلس الوزراء أن يكون لديه رغبة واضحة وحقيقية وجادة لتحقيق التعاون وهو ما ينقضه التشكيل الوزاري كمؤشر نحو التأزيم وعدم الاستقرار السياسي. الأمر الذي يؤكد عدم مراعاة عناصر واتجاهات المجلس الجديد الإصلاحية وبالتالي مخالفة صارخة لأحكام الدستور الكويتي. - إن السياسة العامة للحكومة تعني الإطار العام الذي تتخذه الحكومة نهجا لها في توجيه العمل الذي تسير على خطاه وزارات الدولة ومصالحها وما تنوي الحكومة النهوض به. وأولى خطوات ذلك هي عملية ترشيح الوزراء وفقا للمادة (56) من الدستور الكويتي. - إن قيادات الموارد البشرية كالمناصب الوزارية تكون بمثابة البوصلة التنفيذية لتلك السياسية العامة وبالتالي أي خلل في تلك الموارد البشرية من شأنه إخلال تلك السياسية العامة للحكومة. ومن ذلك المنطلق يستوجب التحقق الجاد والمدروس من صلاحية شاغلي المناصب الوزارية حتى ينتج عن ذلك سياسة عامة حكومية سليمة ومتزنة. - وعليه تقوم المسؤولية السياسية لرئيس مجلس الوزراء باعتبار أن مرحلة التشكيل الوزاري عند بدء أي فصل تشريعي أمر مهم يقتضي أن يكون ذلك التشكيل وفق رؤى الشارع الكويتي وتوجهاته وأن يكون التشكيل متوافقا مع معايير الكفاءة لا معيار المحسوبية والمحاصصة. وأن يضمن ذلك التشكيل التحقق من صلاحية شاغلي المناصب الوزارية حتى يعكس السياسة العامة السليمة لرئيس الحكومة. المحور الثاني: هيمنة السلطة التنفيذية في تكوين البرلمان - إن هناك عنصرا مشتركا في تعريف الفقه الحديث للنظام البرلماني، إذ تعتبر الصفة الأساسية لهذا النظام هي التعاون بين السلطات العامة، وتسعى الدساتير الحديثة إلى وضع قواعد دستورية للحد من هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية. إن المقومات الأساسية للنظام البرلماني، تقوم على أساس خلق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كما يراه الفقه التقليدي. - يؤكد الفقيه الفرنسي «ديجي» ذلك المبدأ بقوله: (إن النظام البرلماني يستند أساسا على تساوي هيئتين من هيئات الدولة هما البرلمان والحكومة، وعلى تعاونهما المشترك في إدارة شؤون الدولة). وذهب البعض إلى وصف النظام البرلماني (كقارب مبحر وسط مياه. دفتاه الحكومة والبرلمان، واللتان يجب أن تعملا معا لخلق حالة التوازن اللازم مبحرا، وتتحدد وظيفة رئيس الدولة بالسهر على حماية هذا التوازن). - إن تحقيق التعاون السياسي الذي كان شعارا للحكومة وتنادي به في أغلب خطاباتها يقتضي أن يكون مترجما في الواقع العملي، فما شاهدناه من تدخل الحكومة في تكوين المؤسسة التشريعية يعد تهاونا لا تعاونا في توجيهات المجلس الجديد، فقد أصدر بيان نيابي لأكثر من (40) نائبا بضرورة أن يكون هناك رئيس جديد للمجلس الجديد إلا أن التدخل والتوجيه الحكومي بدعم الرئاسة السابقة والحالية مؤشر خطير يدل على عدم المرونة السياسية فالحكومة التي رجحت نائبا على (28) نائبا لن يكون لها هذا النائب منجاة من المساءلة السياسية فهي التي تخلفت عن الركب وجعلت نفسها في مواجهة أمام (28) نائبا وهي أغلبية نيابية قد تهلك الحكومة سياسيا وينتهي بها المطاف إلى عدم التعاون السياسي فلم تكن الحكومة في موقف الحياد كما كانت الحكومات السابقة أثناء الأزمات السياسية. - إن منصب رئيس مجلس الأمة لا بد من أن يُعهد إلى من ينشد التعاون والوقوف على خطوة واحدة أمام السلطتين وإن الإخفاق الحكومي في دعم هذا التوجه يدل على الدخول في مربع التأزيم، وإن التدخل الحكومي لم يقف إلى هذا الحد بل طال أيضا في تكوين المجلس ككل، فقد قامت بدعم أشخاص في لجان برلمانية على الرغم من عدم كفاءتهم السياسية بل البعض منهم لم يكن عضوا في أي لجنة في مجالس سابقة اطلاقا. - تعتبر لجان البرلمان عصب الحياة فيه، فهي بمثابة المحرك الداخلي للمؤسسة التشريعية وورش العمل فيه وتقاس انتاجية البرلمان في العالم إلى مستوى انتاج لجانه البرلمانية. وقد لجأت بعض الدساتير في دول العالم إلى منح اللجان البرلمانية صلاحيات واختصاصات واسعة من أجل تجنب مشكلة البطء في الإجراءات التشريعية. - إن التدخل الحكومي في اللجان البرلمانية هو مؤشر خطير ينعكس بشكل سلبي على الأداء التشريعي، فاللجان البرلمانية لها دور مفصلي في تشريع القوانين ووصول أشخاص محل نقد بدعم حكومي هو خطوة تدل على جر البرلمان إلى الصراع والتصادم السياسي وهو انتهاك للتعاون الحكومي النيابي الذي يستوجب أن تقف الحكومة على خطوة واحدة أمام الجميع وأن يكون من يصل إلى تلك اللجان وفق توجهات المجلس وأغلبيته. - إن الدستور الكويتي في المادة (50) نص على مبدأ فصل السلطات مع تعاونها وأن هذا التدخل السافر في تشكيل لجان المجلس وتكوين البرلمان يعد أكبر خطوة خطتها الحكومة نحو التصادم مع البرلمان. - إن تكوين المؤسسة التشريعية لا بد أن يكون انعكاسا لإرادة الأمة وتوجهاتها وأن تكون بمنأى عن التدخل الحكومي لأهمية دور اللجان في طرح وبحث قضايا المجتمع والتي تشغل الشارع الكويتي وأن دخول الحكومة في هذا التكوين هو مؤشر سلبي يدل على عدم ترجمة التعاون السياسي في واقعها العملي، فاللجان البرلمانية هي المنوط بها بحث التشريعات وطرح أولويات وقضايا المجتمع لتقديمها للمجلس والتصويت عليها وأن تلك القضايا لا بد أن تكون وفق منظور المجلس لا منظور الحكومة أو بمن تم دعمه من قبلها في اللجان البرلمانية، إن وصول من عرفت توجهاته بدعم الحكومة في الحق والباطل أمر في غاية الخطورة يؤكد العبث الحكومي في تكوين المؤسسة التشريعية وهو استهتار سياسي يدل على عدم التعاون في المرحلة المقبلة الأمر الذي يتعين على رئيس مجلس الوزراء احترام إرادة الأمة باعتبارها مصدر السلطات. المحور الثالث: الإخلال بالالتزام الدستوري في المادة (98) من الدستور - ألزم المشرّع الدستوري الحكومة فور تشكيلها بأن تتقدم في برنامج عملها للمجلس تحت ضوء المؤسسة التشريعية ومراقبة تنفيذ ذلك البرنامج. - إن برنامج عمل الحكومة هو خارطة طريق لتطوير أداء السلطة التنفيذية وإن آلية تنفيذه تقع علي عاتق الحكومة ولا يستقيم ذلك إلا بتنفيذه على أرض الواقع، وألا يكون ذلك البرنامج مجرد حبر على ورق. فما ورد في برنامج العمل الحكومي الأخير مثل الحوكمة المؤسسية ومبادرات تعزيز النزاهة والمتطلبات التشريعية والتحول الرقمي للخدمات الحكومية وتطوير الأداء الحكومي يخالف إمكانات هذه الحكومة فهذه الحكومة بتلك الامكانات المحدودة غير قادرة على تنفيذ ذلك على أرض الواقع لطالما كانت معايير اختيار الوزراء والوكلاء وأصحاب القرار هي معايير المحسوبية والمحاصصة لا معيار الكفاءة والتمييز وأن هذا البرنامج الأخير يتطلب امكانية عالية من المهارات ورغبة حقيقية في التنفيذ التي لا يمكن أن تأتي من تلك الحكومة. - إن السلطة التنفيذية ملزمة وفق المادة (98) من الدستور التي نصت على «تتقدم كل وزارة فور تشكيلها إلى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج». - إن مماطلة الحكومة في تقديم برنامج عملها لهذا الفصل التشريعي هي إخلال وانتهاك للالتزام الدستوري الذي قرره المشرّع آنذاك وهو تعدِ صارخ على نصوص الدستور الذي يستوجب على رئيس مجلس الوزراء احترام نصوصه وتنفيذ ما ألزمها فيه باعتبار أن برنامج عمل الحكومة هو ما ستقدمه خلال المرحلة المقبلة وأن وظيفة النائب مراقبة آلية تنفيذه وتقديم التعاون في التشريعات التي تساهم في تنفيذ البرنامج وفق ملاحظات البرلمان وتحت رقابته ومحاسبته، وأن محاسبته في الإخلال بتنفيذ البرنامج هي ممنوحة للبرلمان. - إن تهاون رئيس مجلس الوزراء في تقديم برنامج عمل الحكومة يدل على عدم الرغبة الحقيقية في تنفيذ تطلعات الشارع وانتهاك لنصوص الدستور الأمر الذي يؤكد قيام مسؤوليته السياسية أمام البرلمان. وانطلاقا مما سبق، فإننا نتوجه بهذا الاستجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء - بصفته.

مصدر الخبر : شبكة الدستور البرلمانية